النبوءة
الأخيرة لبيتر دونوف
في مجرى الزمن، مرّ ضمير الإنسان بفترة طويلة
من الظلام. هذه المرحلة، التي يطلق عليها الهندوس اسم "كالي يوجا"، هي على
وشك الانتهاء. نحن اليوم على الحدود بين عصرين، عصر كالي يوجا، وعصر العهد الجديد،
الذي ندخل فيه.
يحدث بالفعل تحسنا تدريجيا، في أفكار ومشاعر وتصرفات
البشر، ولكنهم كلهم سيخضعون قريبا للنار الإلهية، التي تقوم بتصفيتهم وإعدادهم لعهد
جديد. وبالتالي، سوف يرتقي الإنسان إلى درجة أعلى من الإدراك، لا غنى عنها، حتى يدخل
العهد الجديد. هذا الذي نعني به "الإسراء" أو "الارتقاء".
سوف تمر بضعة عقود، قبل أن تأتي هذه النار، وتقوم بتغيي العالم، من خلال جلب
أخلاقيات جديدة. ستُغرق هذه الموجة الضخمة القادمة من الفضاء الكوني الأرض برمتها.
وكلمن يحاول التعرض لها يُجرف، ويُحوّل إلى مكان آخر.
على الرغم من أن سكان هذا الكوكب، ليسوا جميعا
على نفس المستوى من التطور، فإن هذه الموجة الجديدة سيشعر بها الجميع. ولن يمس هذا
التحول الأرض فحسب، بل سيعم جميع الكون.
الشيء
الوحيد الذي يمكن أن يفعله الإنسان، الآن، هو أن يتوجه إلى الخالق عز وجل، ويحسّن من
وعي ضميره، ويرفع من مستوى اهتزازه، حتى يكون متناغماً مع هذه الموجة القوية، التي
ستغمره قريباً.
إن النار التي أتحدث عنها، والتي تصاحب الظروف الجديدة
المتاحة لكوكبنا، سوف تُجدد وتطهِّر وتعيد بناء كل شيء. ستُصقِل المادة، وتُخلِص قلوبكم
من القلق والاضطرابات، وتزيل منها الشكوك، وسيشع فيها النور. سيتم تحسين كل شيء، والسمو
به؛ فالأفكار والمشاعر السلبية والأفعال الشنيعة، سيتخلص منها، ثم يقضى عليها.
حياتك الحالية عبودية، سجن مثقل. إفهم وضعيتك
وحرر نفسك. أقول لك: اخرج من سجنك. من المحزن حقا، أن نرى هذا القدر، من الانحرافات
والمعاناة والعجز عن فهم كمون سعادتك الحقيقية.
كل شيء من حولك سوف ينهار قريبا ويختفي. لن يبقى
أي شيء من هذه الحضارة وأضاليلها. سوف تهتز كل الأرض، ولن يصمد أي أثر من هذه الثقافة
الخادعة التي يحافظ عليها الإنسان، تحت نير الجهل. الزلازل ليست مجرد ظواهر آلية، وإنما
تهدف أيضًا إلى إيقاظ عقول وقلوب البشر، حتى يتمكنوا من التحرر من أخطائهم وجنونهم،
ويفهموا أنهم ليسوا الوحيدين في الكون.
يمر نظامنا الشمسي حاليا في منطقة من الكون، دُمرت فيها سابقا كوكبة نجوم، تركت وراءها بصمتها،
غبارها. إن هذا العبور لفضاء ملوث هو مصدر تسمم، ليس فقط لسكان الأرض، بل لجميع سكان
الكواكب الأخرى من مجرتنا. إلا الشموس لا تتأثر بتأثير هذه البيئة المعادية. تسمى هذه
المنطقة "المنطقة الثالثة عشرة"؛ يطلق عليها أيضا إسم "منطقة التناقضات".
بقي كوكبنا محبوسا فيها لآلاف السنين، ولكننا في نهاية المطاف نقترب من الخروج من هذا
الفضاء، فضاء الظلمات، ونحن على وشك الوصول إلى منطقة أكثر روحانية، تعيش فيها كائنات
أكثر تطورا.
تتحرك الأرض حاليا صعودًا، وسيتعين على الجميع
السعي، لتحقيق الانسجام مع تيارات الإرتقاء. والذين يرفضون الإستسلام لهذا التوجه،
سيفقدون ميزة الظروف الجيدة التي تعرض عليهم، كي يرتقون. سيضلون مُجانبين الإرتقاء،
وعليهم إنتظار عشرات الملايين من السنين، حتى تقدُم موجة صاعدة جديدة. بعد هذه المعاناة،
سيعرف الناجون –الصفوة - العصر الذهبي والانسجام والجمال غير المحدودين. احفظوا
إذن، سلامكم وإيمانكم عندما يحين وقت المعاناة والرعب، لأنه مكتوب، لا تسقط شعرة
من رأس إنسان منصف. لا تثبيط؛ ببساطة استمروا في سعيكم للسمو بالنفس.
ليس لديكم فكرة عن المستقبل العظيم الذي ينتظركم.
سوف ترى الأرض الجديدة، النور قريبا. في غضون بضعة عقود، سيكون العمل أقل تشددا، و
يصبح لكلٍ متسع من الوقت لتكريس الأنشطة الروحية والفكرية والفنية. مسألة العلاقات
بين الرجل والمرأة، سوف تحل أخيرا في وئام، سيكون لكلاهما الفرصة لتحقيق
تطلعاتهما. ستستند العلاقات بين الزوجين على
التقدير والاحترام المتبادلين. ويسافر البشر عبر مختلف مستويات الفضاء،
ويخترقون الفضاءات المجراتية، ويدرسون طريقة سيرها، ويتمكنون بسرعة من معرفة
العالم الإلهي، والإندماج مع رأس الكون.
العصر الجديد هو الجنس (البشري) السادس. لقد قُدّر
لك أن تستعد لاستقباله، وعيشه. ينبني الجنس السادس حول فكرة الأخوة. لن يكون هناك المزيد
من تضارب المصالح؛ ويكون الطموح الوحيد لكل شخص هو التوافق مع قانون المحبة. الجنس
السادس سيكون جنس المحبة. وستتشكل قارة جديدة لذلك. تطفو على المحيط الهادئ، حتى يقيم
العلي القدير في نهاية المطاف، بيته على هذا الكوكب.
أنا أُسَمي مؤسسي هذه الحضارة الجديدة،
"إخوان الإنسانية" أو "أبناء المحبة". لا يزعزعهم شيئ من أجل الخير،
ويمثلون طورا جديدا من البشر. يشكل الناس عائلة واحدة، مثل جسد كبير، وكل شعب يمثل
عضوا من هذا الجسم. في الجنس الجديد، تتجلى المحبة بطريقة مثالية للغاية، بحيث لا يمكن
لإنسان اليوم أن يأخذ عنها، سوى فكرة مبهمة جدا.
تظل الأرض ميدانا خصبا للنضال، وقوى الظلام ستتراجع،
وتتخلص الأرض منها. وعندما يرى الناس أنه لم يعد يوجد سبيل آخر يسلكونه، يتخذون سبيل
الحياة الجديدة سبيلا، يتخذون سبيل الخلاص سبيلا. تحت وطأة الغرور السخيف، سيظل البعض
يأمل في مواصلة على الأرض حياة يدينها الأمر الإلهي، ولكن في النهاية، سيتفهم الجميع أن توجه العالم، لا يعود إليهم.
تنشأ ثقافة جديدة، تستند إلى ثلاثة مبادئ توجيهية:
ترقية المرأة، وإعلاء شأن المستضعفين، وحماية حقوق الإنسان.
سينتصر النور والخير والعدالة. إنها مجرد مسألة
وقت. ينبغي على الأديان أن تتطهر. يحوي كلٌ منها، على دقيقة من تعليم سادة النور، ولكن
يحجبها الإسهام الجامح للانحرافات البشرية. سيتعين على جميع المؤمنين أن يتحدوا ويتفقوا
على مبدأ واحد، وهو وضع المحبة كأساس لكل اعتقاد، مهما كانت هذه العقائد. المحبة والأخوة،
إنها القاعدة المشتركة.
سرعان ما ستُجتاح الأرض بالموجات السريعة غير
العادية للكهرباء الكونية. في غضون بضعة عقود، لن يكون بإمكان الكائنات الشريرة والمضللة
أن تتحمل شدتها. ستمتصهم النار الكونية، وتلتهم الشر الذي يمتلكهم. لذا يتوبون، لأنه
مكتوب، "كل بدن يمجد الخالق".
سوف تتخلص أمنا، الأرض، من الذين لا يقبلون الحياة
الجديدة. ستلفظهم مثل الثمار التالفة. قريبا لن يكونوا قادرين على التوالد من جديد
على هذا الكوكب؛ العقول الإجرامية أيضا. فقط أولئك الذين تكتنفهم المحبة مَن سيبقى.
لا وجود لمكان على وجه الأرض، غير ملوث بدماء
الإنسان أو الحيوان، لذلك ينبغي أن تخضع للتطهير. ولهذا فإن بعض القارات الحالية سوف
تغمر، بينما تظهر أخرى.
لا يشك البشر في المخاطر التي تهدد حياتهم، ورغم
ذلك يواصلون الجري وراء أهداف غير مجدية، والحصول على المتعة. على العكس من ذلك، فإن
أهل الجنس السادس سيكونون على وعي بكرامة الدور المنوط بهم، ويحترمون حرية كلٌ منهم.
يتغذون حصرا على منتجات عالم الخضروات. ويكون لأفكارهم القدرة على التداول بكل بحرية،
مثلما هو حال الهواء والنور في أيامنا.
تنطبق الكلمات "إذا ولدتَ من جديد
..." على الجنس السادس. اقرأ الفصل 60 من أشعياء.
إنه يشير إلى مجيء الجنس السادس، جنس المحبة.
بعد المحن، سيتوقف الناس عن الخطيئة، وسيجدون
مرة أخرى طريق الفضيلة. سوف يتم التحكم في مناخ كوكبنا، في كل مكان، وتختفي التغيرات
المفاجئة. يستعيد الهواء نقاءه، والماء صفاءه. وتختفي الطفيليات. ويتذكر الناس تجسيداتهم
السابقة، وتغمرهم السعادة، عندما يلاحظون أنه تم تحريرهم أخيرًا من وضعهم السابق. بنفس
الطريقة التي نتخلص بها من الطفيليات والأوراق الميتة من على كرمة العنب؛ تتصرف الكائنات
المتطورة من أجل تربية رجال، لعبادة إله المحبة. فهم يمنحونهم ظروفًا جيدة للنمو وتطوير
أنفسهم، ويقولون لأولئك الذين يريدون حقا الاستماع إليهم، "لا تخافوا. لا يزال
هناك قليل من الوقت، وكل شيء سيكون على ما يرام. أنتم على الطريق الصحيح. ومن يريد
أن يدخل الثقافة الجديدة، عليه أن يدرس ويعمل بوعي، ويستعد".
وبفضل فكرة الأخوة، ستصبح الأرض مكانًا مباركًا،
وهذا لن يطول. ولكن قبلها، سيتم إرسال معاناة كبيرة، لإيقاظ الضمائر. يجب التكفير عن
الخطايا، التي تراكمت على مدى آلاف السنين. ستساعد الموجة النارية المنبعثة من السماء،
على تصفية "كرمة" الشعوب.
لا يمكن تأجيل التحرير أكثر من ذلك. ينبغي على
البشرية أن تكون مستعدة للمحن العظيمة الحتمية، التي تأتي لتضع حدا للأنانية.
تحت الأرض، أمر هائل، يجري الإعداد له. ستظهر قريبا
في الطبيعة، ثورة عظمى، لا يمكن تصورها على الإطلاق. قرّر الخالق جل وعلا، أن يصلح
العالم، وسيفعل ذلك.
إنها نهاية عصر، وسيحل نظاما جديدا محل النظام
القديم، وهو نظام تسود فيه المحبة على الأرض.
البلغاري بيتر دونوف،
المتوفي سنة 1944
ترجمة محمد خ – الجزائر
2018.